تعد التصبغات الجلدية بعد الالتهابات من أكثر مشكلات البشرة شيوعًا، وتعرف طبيًا باسم (Post-Inflammatory Hyperpigmentation) وتشمل هذه الحالة مجموعة واسعة من الأسباب مثل آثار حب الشباب، والبقع التي تظهر بعد جلسات الليزر، أو التصبغات الناتجة عن الحروق والخدوش والإصابات الجلدية المختلفة.
ما هي التصبغات التالية للاتهاب؟
عندما يتعرض الجلد لأي إصابة أو التهاب، يطلق الجسم سلسلة من الاستجابات الدفاعية لإصلاح الأنسجة المتضررة. من بين هذه الاستجابات، تقوم الخلايا الميلانينية المسؤولة عن إنتاج صبغة الميلانين بإفراز كميات كبيرة من الصبغة كردّ فعل التهابي بهدف حماية المنطقة المتأذية، لكن في بعض الحالات لا يتم تنظيم هذا الإنتاج بشكل دقيق، مما يؤدي إلى ظهور بقع داكنة في مكان الإصابة، تعرف باسم التصبغات ما بعد الالتهاب.
ما هي أنواع التصبغات بعد الالتهاب؟
تختلف التصبغات الناتجة عن الالتهابات في عمقها ونوعها، ما يؤثر بشكل كبير على سرعة الاستجابة للعلاج وهناك نوعان رئيسيان وهما:
- التصبغات السطحية، عادةً ما تظهر باللون البني الفاتح وتكون في الطبقة السطحية للبشرة وهي غالبًا ما تكون ناتجة عن حب الشباب الخفيف أو الحروق السطحية، وتستجيب بشكل جيد للتقشير الكيميائي وتقنيات الليزر.
- التصبغات العميقة، عادةً ما تظهر باللون الرمادي أو البني الداكن، وتكون في الطبقات العميقة من الجلد وغالباً ما تنتج عن إصابات التهابية شديدة، أو علاجات قاسية، أو حتى بعد إجراءات الليزر التجميلية الغير مناسبة. ويحتاج هذا النوع إلى اتباع خطة علاجية مركبة مثل الدمج بين جلسات اليزر والمايكرونيدلينج وحقن الأنوفيال لعلاج التصبغات.
- التصبغات المختلطة، تظهر التصبغات المختلطة عندما تتراكم صبغة الميلانين في كلٍ من البشرة السطحية والعميقة، مما يؤدي إلى تباين الألوان بين البني الفاتح والداكن، تنتج عادة عن التهيّج المزمن أو الالتهاب القوي، مثل ندبات حب الشباب أو الحروق، وتعتبر الأكثر تعقيداً، لأنها تتطلب استهداف الطبقتين لعلاج التصبغات السطحية والعميقة في نفس الوقت.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للتصبغات الجلدية بعد الالتهاب؟
على الرغم من أنه يمكن أن يؤثر على الرجال والنساء والأطفال في جميع الأعمار إلا أنه أكثر شيوعاً لدى:
- أصحاب البشرة الداكنة أو المتوسطة، حيث تكون الخلايا الميلانينية أكثر نشاطًا بطبيعتها.
- من لديهم استعداد وراثي لإفراز الميلانين الزائد كرد فعل التهابي.
- الحالات التي تترافق مع التهيج المستمر أو الحكة أو العبث بالجروح، مما يطيل مدة الالتهاب ويحفز ظهور التصبغات.
أسباب التصبغات الجلدية
- العدوى الجلدية أو الالتهابات المزمنة، مثل حب الشباب، والأكزيما، أو الوردية.
- الإصابات الجلدية أو الخدوش، ومنها الجروح البسيطة وآثار الحبوب عند العبث بها.
- الحروق الكيميائية أو الحرارية، مثل استخدام مقشرات قوية أو تعرض البشرة لأشعة الشمس بعد الإجراءات التجميلية مثل اليزر أو تقشير.
- ردود فعل تحسسية أو تلامسية، مثل الحساسية من بعض المستحضرات أو المعادن أو لدغات الحشرات، نتوءات ما بعد حلاقة الشعر.
- استخدام منتجات غير مناسبة للبشرة، خصوصًا تلك التي تحتوي على كحول أو عطور أو تركيبات مقشرة.
- الاضطرابات الهرمونية أو الميل الوراثي، بعض الأشخاص لديهم ميل أكثر من غيرهم لتكوين التصبغات التالية للالتهاب خاصة أصحاب البشرة الداكنة.
علاج التصبغات بعد الالتهاب
يسهم التعرف المبكر على سبب التهيّج وعلاجه في الحد من تطور التصبغات ومع ذلك، تتوفر العديد من الحلول التجميلية التي تسرّع من علاج التصبغات وتساعد على توحيد لون البشرة بفعالية وأمان.
أفضل تقنيات تفتيح البشرة بعد الالتهاب
الليزر الجزئي
يُعد الليزر الجزئي (Fractional Laser) من أبرز الحلول الحديثة لتفتيح التصبغات العنيدة، خصوصًا الناتجة عن الالتهابات. ويعتمد هذا المفهوم العلاجي على إرسال أعمدة حرارية دقيقة تخترق طبقات الجلد دون التسبب بأي أضرار للأنسجة المحيطة، مما يسمح بتفكيك جزيئات الميلانين المتراكمة وتحفيز الخلايا لإنتاج كولاجين جديد. هذا التجدد الطبيعي للجلد يساعد على التخلص من التصبغات.
ولعل من أشهر تقنياته هي تقنية الفراكسل وتقنية الفا CO2 لقدرتها على تمكين الطبيب من تعديل إعدادات الجهاز بدقة حسب نوع التصبغ ولون البشرة، مما يمنح تحكمًا عاليًا في العلاج ويوفر نتائج تدريجية وطويلة الأمد.
المايكرونيدلينج لعلاج التصبغات العميقة
المايكرونيدلينج مع الموجات الراديوية (RF)
تعتبر تقنيات المورفيوس8 وبوتنزا من العلاجات التجميلية المتقدمة والفعالة في تقليل التصبغات الجلدية العنيدة، خاصة تلك التي تمتد إلى طبقات الجلد العميقة حيث تجمع بين الإبر الدقيقة التي تحدث قنوات مجهرية في الجلد، والموجات الحرارية عالية التردد. ويساعد هذا الدمج على تجديد الخلايا ويسرّع من تقشير الخلايا المتصبغة والتخلص منها، بالإضافة إلى تعزيز إنتاج الكولاجين والإيلاستين.
المايكرونيدلينج بدون الموجات الراديوية (RF)
في حالات تصبغات ما بعد الالتهاب قد يفضل العديد من الأطباء استخدام تقنيات المايكرونيدلينج التقليدية بدون RF لتقليل خطر حدوث التصبغات الناتجة عن الترددات الحرارية خاص لأصحاب البشرة الداكنة وعادةً ما يكون الهدف من الاستخدام تحفيز تجديد البشرة وزيادة امتصاص السيرومات التي تساعد على تفتيح البشرة مثل حمض التراينكساميك.
التقشير الكيميائي مع حمض الترانيكساميك
أحدثت التركيبات الحديثة من التقشير الكيميائي نقلة كبيرة في علاج التصبغات الجلدية التالية للالتهاب، حيث أصبح بالإمكان الجمع بين أحماض ألفا وبيتا هيدروكسي (AHA/BHA) مع مكونات فعالة مثل حمض الترانيكساميك. وتساعد هذه الأحماض على إزالة الطبقات المتصبغة بلطف، بينما يساهم حمض الترانيكساميك في تقليل فرط التصبغ ومن أشهر أنواعها:
العلاج المركب
أوضحت العديد من الدراسات أن العلاجات المركبةوفرت نتائج علاجية ممتازة تجاوزت نسبة 60% تحسن لدى المرضى وبدون آثار جانبية خطيرة. حيث يقوم الطبيب بتحديد برنامج علاجي يتضمن تقنيات التقشير والليزر والعلاجات الموضعية. وبالتالي يعمل العلاج المركب على أكثر من طبقة في الجلد مما يمنح نتائج أكثر فعالية وأسرع ظهوراً.
التقشير الكيميائي، يستخدم في البداية لتقشير الطبقة السطحية بلطف، مما يساعد على إزالة الخلايا المتصبغة وتحفيز تجدد الخلايا الجديدة بلون موحد.
العلاج بالليزر الموجه، بعد إزالة التصبغات السطحية، تجرى جلسات ليزر دقيقة (مثل الفراكسل أو الليزر الجزئي) لاستهداف التصبغات العميقة في طبقات الجلد الداخلية، باستخدام طاقة ضوئية موجهة بدقة لتفتيت جزيئات الميلانين دون الإضرار بالأنسجة المحيطة.
العلاجات الموضعية، يتم تعزيز نتائج الجلسات من خلال استخدام علاجات موضعية للمساعدة على تثبيت النتائج ومنع عودة التصبغات، وتشمل عادةً مشتقات الريتينول وفيتامين C وحمض الترانيكساميك.
طرق الوقاية من التصبغات
- استخدام واقٍ شمسي يومي بعامل حماية 50+ لتجنب تحسس والتهاب البشرة.
- تجنب لمس أو فرك الأماكن المعرضة للالتهابات الجلدية.
- عدم استخدام المقشرات والمنتجات القوية في حال التعرض للالتهاب.
- استخدام مرطبات مناسبة مثل الفازلين لدعم الحاجز الجلدي ومنع جفاف الجلد المتضرر.
- تجنب التعرض للحرارة مثل الساونا والبخار لتفادي زيادة الالتهاب.
- تضمين المنتجات المضادة للأكسدة ضمن الروتين اليومي في العناية بالبشرة مثل سيروم فيتامين C.
- عدم إهمال العلاج واستشارة طبيب معتمد في وقت مبكر قبل تفاقم حالة الالتهاب.
هل تختفي التصبغات بعد الالتهاب بدون علاج؟
نعم، في كثير من الحالات يمكن أن تختفي التصبغات بشكل تدريجي دون الحاجة إلى علاج. خاصة في حالات التصبغات السطحية والمرتبطة بجروح أو التهابات خفيفة، حيث يقوم الجلد بتجديد نفسه طبيعيًا خلال عدة أسابيع إلى أشهر.
ولكن يعتمد تلاشي واختفاء التصبغات بشكل كبير على نوع البشرة، وشدة الالتهاب، وعمق التصبغ، ووجود عوامل ومؤثرات محفزة مثل الشمس واستخدام المنتجات الخاطئة.
كم تستغرق فترة علاج التصبغات العميقة؟
في الحقيقة لا يوجد هناك علاج فوري يمكنه أن يعيد البشرة إلى حالتها الطبيعية خاصة في الحالات الشديدة، وعادةً ما يكون التحسن تدريجيًا خلال العلاج. فقد تحتاج التصبغات السطحية من 4-6 أشهر حتى تختفي، بينما التصبغات العميقة قد تبقى لفترة أطول، وفي بعض الحالات من الممكن أن تصبح دائمة ولا تستجيب للعلاج. ولعل أحد أكثر التحديات في هذا النوع من التصبغات هو قابليته للعودة مجددًا عند تعرض الجلد لأي محفز التهابي جديد.